الامتياز التجاري محرك حيوي لنمو الاقتصاد

لقاء -رئيس التحرير

 أكد المهندس سلطان بن عبد العزيز الحميدي، الرئيس التنفيذي لبنك التنمية الاجتماعية  أن البنك ينظر  إلى قطاع الامتياز التجاري بوصفه أحد المحركات الحيوية لنمو الاقتصاد الوطني،   لما يوفره من فرص استثمارية واعدة للشباب والشابات، وما يمثله من منصة عملية لتوطين العلامات التجارية وتعزيز ريادة الأعمال. وكشف في حوار خاص مع المجلة أن  حجم سوق الامتياز التجاري في المملكة يتجاوز 53 مليار ريال، ويبلغ معدل نمو العلامات التجارية السعودية %27.

إلى الحوار:

* في ظل التحولات الاقتصادية التي تشهدها المملكة انسجامًا مع رؤية 2030، كيف ترى الدور الاستراتيجي لبنك التنمية الاجتماعية في تمكين الفئات المستهدفة وتعزيز النمو الشامل؟

منذ انطلاق رؤية السعودية 2030، كان لبنك التنمية الاجتماعية دور ريادي في دعم مستهدفاتها من خلال تعزيز الشمول المالي، وتمكين مختلف فئات المجتمع، وخلق بيئة داعمة لريادة الأعمال. ويعتبر أحد المحركات الرئيسية لبرنامجي التحول الوطني وتطوير القطاع المالي. ومن هذا المنطلق، حرص البنك على تقديم منتجات مالية وغير مالية، كالبرامج التدريبية والاستشارية، التي تسهم في تمكين الأفراد وتعزيز مشاركتهم الاقتصادية، سواء من خلال دعم المنشآت الصغيرة والناشئة، أو تقديم قروض ميسرة للأسر المنتجة وممارسي العمل الحر، أو تعزيز ثقافة الادخار وريادة الأعمال.

للبنك دور فعال في الاقتصاد المحلي من خلال رفع المساهمة في الناتج المحلي الإجمالي وخلق الوظائف وإتاحة فرص العمل وتعزيز التنمية وضمان استدامتها كأحد أهم الداعمين في المنظومة التنموية، وقد ساهمت تمويلات البنك تاريخيًا في الناتج المحلي الإجمالي بما يزيد عن 200 مليار ريال، بالإضافة إلى تمويل 56 ألف منشأة صغيرة وناشئة، وفي جانب دعم التوظيف وتوسيع دائرة فرص العمل ساهم البنك عبر تمويل المنشآت في خلق أكثر من  177ألف فرصة وظيفية بنهاية عام 2024.

ومن منطلق التمكين وتكافؤ الفرص، كان للبنك دور فعال في دعم رائدات الأعمال، حيث شكلت نسبة النساء المستفيدات من إجمالي تمويل المنشآت الصغيرة والناشئة 56%. مما عزز مشاركة المرأة في سوق العمل، وتحفيز استقلالها المالي. الجدير بالذكر أن البنك فاز بجائزة أفضل جهة تمويلية لرائدات الأعمال في منطقة الشرق الأوسط وشمال أفريقيا، لعامين على التوالي في اعتراف دولي بالدور البارز الذي يقوم به في تمكين المرأة السعودية في قطاع ريادة الأعمال.

بالإضافة إلى دور البنك في دعم المبادرات والبرامج الوطنية التي تستهدف القطاعات الواعدة حيث يشغل البنك مبادرتي تمويل الألعاب الإلكترونية ومبادرة البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات، مما يعكس التزام البنك بتحفيز التنمية الاجتماعية عبر تقديم الدعم اللازم للمشاريع الواعدة، وتحويل الأفكار الريادية إلى واقع ملموس، مما يسهم في دفع عجلة التنمية المستدامة وتعزيز بيئة ريادة الأعمال في المملكة.

*ما أبرز المبادرات أو التحولات المؤسسية التي مر بها البنك خلال السنوات الأخيرة، وكيف انعكست على جودة الخدمات وأثرها التنموي؟

لقد شكّلت مسيرة بنك التنمية الاجتماعية نموذجًا للتحول التدريجي من التمويل الاجتماعي التقليدي الذي ركّز في بداياته على تلبية الاحتياجات الأساسية للأسر والأفراد، إلى نهج تنموي شامل يهدف إلى تمكين المواطنين اقتصاديًا واجتماعيًا. ويمكن وصف هذه المسيرة بأنها انتقال استراتيجي من "التمويل" إلى "التمكين"، حيث أصبح البنك شريكًا تنمويًا رئيسيًا يعمل على بناء وتطوير القدرات للأفراد والمنشآت، وتعزيز ثقافة الادخار، وتطوير المشاريع الصغيرة والناشئة.

ومن أبرز المبادرات الرائدة في هذا السياق، خطة تحويل الفروع إلى مجتمعات أعمال تحت مسمى "جادة 30"، بهدف دعم رواد الأعمال وتوفير بيئة ريادية محفزة في مختلف فروع البنك حول المملكة، حيث تحتضن الجادة اليوم أكثر من 4000 منشأة، مع أكثر من 150 ألف مستفيد في 13 فرع، مع خطة للتوسع إلى 17 فرع خلال الأعوام القادمة. 

كما مثل التحول الرقمي علامة فارقة في مسيرة البنك، حيث باتت غالبية خدماته تقدم عبر منصات إلكترونية ذكية، مما أسهم في تسريع الإجراءات وتعزيز الشفافية وتوسيع نطاق الوصول إلى المستفيدين في مختلف مناطق المملكة، وقد حقق البنك نسبة 91.83% في مؤشر التحول الرقمي الحكومي، وامتثالًا بنسبة 92.38% لأعلى معايير الأمن السيبراني وفقًا لإرشادات "سدايا"، ما يؤكد ريادته في تبني الحلول التقنية المتقدمة.

وفي إطار التوجه نحو الاقتصاد الرقمي، حرص البنك على تبني المبادرات الوطنية ذات الأثر الإيجابي كما أشرنا سابقًا، ومن أبرزها الاستراتيجية الوطنية لقطاع الألعاب والرياضات الإلكترونية التي أطلقها سمو ولي العهد في عام 2022، حيث يشغل البنك محفظة تمويلية بقيمة 458 مليون ريال لدعم القطاع بالتعاون مع الاتحاد السعودي للرياضات الإلكترونية وتحت مظلة صندوق التنمية الوطني، إلى جانب محفظة تمويلية في قطاع تقنية المعلومات بقيمة 898 مليون ريال لتمكين المنشآت التقنية الصغيرة والناشئة، بالشراكة مع البرنامج الوطني لتنمية تقنية المعلومات.

واستكمالًا لمساعيه في بناء منظومة تنموية متكاملة، أطلق البنك خلال العام الماضي مبادرة المسؤولية الاجتماعية تحت شعار "ندرك أثرها" بهدف إشراك مؤسسات القطاع الخاص في تطوير المنظومة الريادية، وتمويل المشاريع المجتمعية، وتمكينهم من تحقيق الاستثمار الاجتماعي المؤثر عبر محفظة تمويلية ذات أثر مستدام تبلغ قيمتها اليوم 360 مليون ريال، مع طموح أن تصل مساهمة القطاع الخاص إلى 30% من حجم التمويل السنوي خلال 4 سنوات.

كل هذه التحولات لم تحسّن فقط من جودة الخدمات، بل رسخت الأثر التنموي للبنك، وعززت قدرة المواطنين على المشاركة الفاعلة في الاقتصاد الوطني بشكل منتج ومستدام، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030. فخلال مسيرته الممتدة لأكثر من 53 عامًا، بلغ إجمالي التمويل الذي قدمه بنك التنمية الاجتماعية 166 مليار ريال، استفاد منها 10 ملايين مواطن ومنشأة.

* كيف ينجح البنك في تحقيق التوازن بين رسالته الاجتماعية في دعم الأفراد والأسر، وبين دوره التنموي في تحفيز ريادة الأعمال وتمويل المشاريع الإنتاجية؟

يحرص بنك التنمية الاجتماعية على تحقيق توازن فعّال بين رسالته الاجتماعية ودوره التنموي، من خلال استراتيجية متكاملة ترتكز على ثلاث ركائز أساسية: الحماية، والاكتفاء، والإنتاج. هذه الاستراتيجية لا تفصل بين التمويل الاجتماعي والتنمية الاقتصادية، بل تدمجهما في مسار واحد يبدأ من حماية الاستقرار الأسري، وينتهي بتمكين اقتصادي مستدام.

فعبر التمويل الاجتماعي، يقدّم البنك حلولًا تمويلية ميسّرة لسد الاحتياجات الأساسية للأفراد والأسر مثل تمويل الزواج، وترميم المنازل، وتمويل الأرامل والمطلقات، وخلال النصف الأول من عام 2025، تجاوزت قيمة التمويلات الاجتماعية مليار ريال، استفاد منها 20 ألف مواطن ومواطنة، مما أسهم في تعزيز الاستقرار المالي والاجتماعي.

وبالتوازي مع ذلك يواصل البنك دوره المحوري في تحفيز ريادة الأعمال، ودعم الاستقلال المالي للأفراد وصولًا إلى الإنتاج والمساهمة الفعلية في الاقتصاد الوطني، حيث ضخ خلال الفترة ذاتها أكثر من 3.6 مليار ريال لدعم المشاريع الإنتاجية والأعمال الحرة، استفاد منها أكثر من 39 ألف مواطن ومنشأة في مختلف مناطق المملكة.

هذا التكامل بين الدعم الاجتماعي والتحفيز التنموي مكّن البنك من بناء منظومة شاملة من الخدمات المالية وغير المالية، تُسهم في تحويل الأفراد من متلقين للدعم إلى رواد أعمال قادرين على خلق فرص العمل وتعزيز النمو الاقتصادي، بما ينسجم مع مستهدفات رؤية السعودية 2030.

* ما دور البنك في تعزيز ثقافة الادخار والاستقلال المالي لدى الأسر السعودية؟

انسجامًا مع مستهدفات برنامج تطوير القطاع المالي ضمن رؤية السعودية 2030 الهادفة إلى رفع نسبة الوعي المالي في المجتمع، وتعزيز ثقافة الادخار والتخطيط المالي كخيار استراتيجي يقلل من الاعتماد على التمويل الاستهلاكي غير المخطط، يضع بنك التنمية الاجتماعية نشر ثقافة الادخار في صميم رسالته التنموية، إيمانًا منه بأن الادخار هو الأساس نحو الاستقلال المالي والاستقرار الأسري.

وتماشيًا مع "برنامج شريك" الذي أطلقه سمو ولي العهد في عام 2021، عزز البنك جهوده في توسيع نطاق البرامج الادخارية عبر توقيع سبع شراكات مع بنوك تجارية محلية بهدف توفير حلول تمويلية مبتكرة تلبي احتياجات مختلف فئات المجتمع، أبرزها برنامج زود الادخاري وبرنامج زود الأجيال، بهدف تمكين الأسر والأفراد من إدارة مواردهم المالية بوعي وربط الادخار بأهدافهم المستقبلية، وقد بلغ عدد الحسابات الادخارية أكثر من 334 ألف حساب، بإجمالي مدخرات تجاوزت 570 مليون ريال، حتى النصف الأول من عام 2025م.

ويواكب البنك هذه المنتجات بحملات توعوية وتدريبية متخصصة، استفاد منها ما يقارب 525 ألف مستفيد حتى النصف الأول من عام 2025، في خطوة تعزز ثقافة التخطيط المالي وترسّخ الادخار كأسلوب حياة مستدام.

* هل هناك توجه نحو استخدام الحلول التقنية الحديثة في تقييم طلبات التمويل؟

يمثل التحول الرقمي أحد الأعمدة الاستراتيجية لبنك التنمية الاجتماعية، حيث يواصل البنك الاستثمار في تطوير بنيته التحتية التقنية وتبني أحدث الحلول المبتكرة. ومن أبرز المبادرات في هذا المجال إطلاق منصات رقمية متقدمة، مثل منصة "جسور"، التي تمكّن موظفي القطاع الخاص والقطاع غير الربحي من الاستفادة من منتجات البنك التمويلية، بما يعزز الوصول العادل للتمويل، مع تحسين تجربة العميل طوال رحلة التمويل.

وقد قطع البنك شوطًا كبيرًا في أتمتة عملية التمويل بالكامل، بدءًا من تقديم الطلب عبر القنوات الإلكترونية، مرورًا بمتابعة حالة الطلب آليًا، وصولًا إلى صرف التمويل وإدارته رقميًا. هذا التوجه أسهم في تقليص زمن المعالجة، ورفع مستوى الشفافية والدقة في الإجراءات، وضمان وصول الخدمات بسهولة إلى جميع مناطق المملكة.

ويعتمد البنك على أدوات رقمية متقدمة ومنظومات ربط إلكتروني مع الجهات ذات العلاقة، تتيح تقييمًا أكثر دقة وشمولًا لطلبات التمويل وبيانات المستفيدين، كما يواصل دراسة وتبني أحدث الابتكارات التقنية لتعزيز الكفاءة التشغيلية وتحسين تجربة المستفيد، بما يتماشى مع مستهدفات رؤية السعودية 2030 في بناء قطاع مالي متطور قائم على الابتكار.

وتتويجًا لهذه الجهود، حقق البنك المركز الثالث في قياس التحول الرقمي لعام 2024 ضمن أفضل خمس جهات حكومية في قطاع المالية والصناديق، كما نال جائزة تجربة العميل السعودية في النسخة الإقليمية الأولى من الجائزة الدولية لتجارب العملاء (iCXA) عن فئة "أفضل تجربة عميل رقمية مؤثرة ومبتكرة في تأكيد لريادته في تقديم خدمات رقمية متقدمة تدعم التحول الوطني.

* ما هي الاستراتيجية التي يتبعها البنك لدعم قطاع الامتياز التجاري تحديدًا؟

ينظر بنك التنمية الاجتماعية إلى قطاع الامتياز التجاري بوصفه أحد المحركات الحيوية لنمو الاقتصاد الوطني، لما يوفره من فرص استثمارية واعدة للشباب والشابات، وما يمثله من منصة عملية لتوطين العلامات التجارية وتعزيز ريادة الأعمال. حيث يتجاوز حجم سوق الامتياز التجاري في المملكة 53 مليار ريال، ويبلغ معدل نمو العلامات التجارية السعودية %27.

وانطلاقًا من هذا التوجه، أطلق البنك مسار تمويلي متخصص في عام 2021 بسقف تمويل يصل إلى 4 ملايين ريال ليكون أداة عملية تمكّن رواد ورائدات الأعمال من دخول هذا القطاع الحيوي بثقة أكبر. وخلال عام 2024 وحده، ضخ البنك أكثر من 50 مليون ريال لدعم مشاريع الامتياز التجاري، إلى جانب اعتماد أكثر من 20 علامة تجارية للتمويل، وتأهيل أكثر من 55 علامة تجارية لنظام الامتياز التجاري، مما يعكس قوة حضور البنك كممكن رئيسي للقطاع.

 كما يوفر البنك منظومة من الخدمات غير المالية تشمل التدريب، والاستشارات، وبناء القدرات، إلى جانب تنظيم فعاليات متخصصة مثل منتدى الامتياز التجاري (Franchise Go) الذي يربط رواد الأعمال بأصحاب العلامات التجارية والخبراء والمستشارين.

بهذه المنظومة المتكاملة أصبح البنك بمثابة ممكن تنموي شامل يرافق رائد الأعمال في رحلته منذ مرحلة الفكرة وحتى التشغيل وتحقيق العوائد، بما يعزز نجاح مشاريع الامتياز التجاري ويزيد مساهمة الشباب السعودي في بناء اقتصاد متنوع ومستدام.

* هل هناك شروط أو معايير خاصة للحصول على تمويل لمشروع امتياز تجاري؟

بلا شك، وضع بنك التنمية الاجتماعية مجموعة من المعايير الواضحة التي تضمن أن يكون تمويل مشاريع الامتياز التجاري موجهًا نحو فرص حقيقية ومستدامة. فالعامل الأول هو قوة العلامة التجارية ومدى رسوخها وقدرتها على التوسع والتكيّف مع السوق المحلي، إذ إن نجاح الممنوح مرتبط بصلابة نموذج المانح.

ومن الشروط الأساسية لاعتماد أي علامة أن تكون مسجلة رسميًا في الهيئة السعودية للملكية الفكرية، وأن تتوفر لها قوائم مالية مدققة لآخر سنتين تثبت سلامة وضعها المالي، إضافة إلى وجود دليل تشغيل ودليل عمليات واضحين يحددان آليات العمل والمعايير التشغيلية. كما يخضع المشروع لدراسة جدواه الاقتصادية ومدى توافقه مع احتياجات السوق والعائد المتوقع، إلى جانب تقييم جاهزية رائد الأعمال من حيث الالتزام والمعرفة والخبرة الإدارية، والتأكد من أن العقود المبرمة بين المانح والممنوح واضحة ومبنية على أسس نظامية تحفظ حقوق الطرفين.

وتعد هذه المعايير أدوات تمكين لا عوائق، إذ تهدف إلى تمكين رواد الأعمال من دخول قطاع الامتياز التجاري على أسس راسخة، تجعلهم قادرين على الاستمرار والمنافسة، وتمنحهم فرصة التحول إلى قصص نجاح حقيقية تضيف قيمة للاقتصاد الوطني.

* هل لديكم شراكات مع علامات تجارية محلية أو عالمية لتسهيل دخول الشباب في هذا المجال؟

يحرص بنك التنمية الاجتماعية على إتاحة خيارات واسعة ومدروسة أمام رواد الأعمال الراغبين في دخول قطاع الامتياز التجاري، وذلك من خلال اعتماد علامات تجارية محلية ودولية مؤهلة للتمويل، تشمل 85 علامة تجارية معتمدة، يمكن للرواد والمستثمرين الاطلاع عليها من خلال الموقع الإلكتروني للبنك.

ويواصل البنك دراسة واعتماد المزيد من العلامات التجارية، بما يضمن تنوع القطاعات وتعدد الفرص الاستثمارية، ويمنح الشباب والشابات فرصة الانخراط في نماذج أعمال ناجحة وراسخة. ويأتي ذلك ضمن استراتيجية البنك في تهيئة بيئة امتياز تجاري متكاملة، توفر الدعم اللازم لرواد الأعمال لضمان استدامة المشاريع وتعزيز مساهمة المنشآت في الاقتصاد الوطني.

* ما تقييمكم لتأثير برامج الامتياز التجاري على خلق فرص العمل وتنمية المناطق الأقل نموًا؟

يضع بنك التنمية الاجتماعية تنمية المناطق الطرفية والأقل نموًا في صميم استراتيجيته التنموية، حيث يوجّه نحو 60% من إجمالي تمويله لهذه المناطق، إدراكًا لأهمية تحفيز النشاط الاقتصادي فيها وتعزيز العدالة التنموية على مستوى المملكة. ويُعد قطاع الامتياز التجاري أحد الأدوات الفاعلة التي يوظفها البنك لتحقيق هذا الهدف، لما يوفره من فرص استثمارية قابلة للتوسع، ونماذج تشغيل مجرّبة ترفع من نسب النجاح وتقلل المخاطر على رواد الأعمال.

ولضمان وصول هذه الفرص إلى مختلف المناطق، نظم البنك عددًا من الفعاليات والمعارض المتخصصة، من أبرزها معرض الامتياز التجاري في المدينة المنورة، الذي شهد مشاركة أكثر من 40 علامة تجارية محلية، وقدّم أكثر من 220 استشارة مجانية ساعدت المشاركين على تقييم جاهزيتهم، واختيار أنسب الفرص، ووضع خطط عمل واقعية.

ومؤخرًا دشن البنك منتدى "فرنشايز قو"، الذي استقطب أكثر من 4 آلاف زائر، وتضمن جلسات حوارية ناقشت أحدث توجهات الامتياز التجاري، بمشاركة متحدثين محليين ودوليين نقلوا خبراتهم وتجاربهم، إلى جانب تقديم 20 ورشة عمل لتأهيل رواد الأعمال، وأكثر من 620 استشارة متخصصة، بمشاركة 16 مستشارًا وخبيرًا في مجالات التمويل وريادة الأعمال.

من هذا المنطلق، لا يتعامل البنك مع الامتياز التجاري كوسيلة للتوسع التجاري فقط، بل كأداة تنموية شاملة تساهم في خلق الوظائف، وتنمية المجتمعات المحلية، وتوسيع قاعدة الاقتصاد الوطني، بما يرسّخ دوره كممكن رئيسي لتحقيق مستهدفات رؤية السعودية 2030.

* هل هناك قصص نجاح ملهمة يمكن مشاركتها من مشاريع امتياز تجاري موّلت من قبل البنك؟

في بنك التنمية الاجتماعية، نؤمن أن قصص النجاح هي أفضل برهان على جدوى الاستثمار في الامتياز التجاري، فهي تجسد كيف يمكن لفكرة طموحة أن تتحول إلى مشروع وطني رائد عبر نموذج الامتياز التجاري. ومن بين هذه النماذج الملهمة، تبرز تجربة مساحات وحاضنات الأعمال (i-be) التي أسسها رائد الأعمال بسام الخراشي بعد حصوله على تمويل من البنك بقيمة 4 ملايين ريال في عام 2019. انطلقت الفكرة كمبادرة لدعم رواد الأعمال وتوفير بيئة عمل مبتكرة، لكنها سرعان ما تطورت لتصبح علامة مانحة للامتياز التجاري، يعمل تحت مظلتها أكثر من 30 موظفًا سعوديًا، مع تدشين فرعين للحاضنات في مناطق مختلفة من المملكة، مما أسهم في نشر ثقافة ريادة الأعمال وتوسيع دائرة المستفيدين.

ومن النماذج الأخرى التي تعكس هذا التوجه، مشروع عيادات دكتور لاونج (Dr’s Lounge clinics)، التي حصلت على تمويل من البنك بقيمة 5 ملايين ريال في عام 2022. خلال فترة وجيزة، تمكن المشروع من التوسع ليصل إلى 17 فرعًا في مختلف مناطق المملكة، ممنوح منها 6 فروع عبر نظام الامتياز التجاري.

هذه القصص وغيرها كثير، تجسد فلسفة البنك بأن التمويل ليس غاية، بل وسيلة لتمكين الطموحات الفردية وتحويلها إلى إنجازات وطنية، تضيف قيمة نوعية للاقتصاد، وتلهم المزيد من الشباب والشابات لطرق أبواب ريادة الأعمال بثقة واستعداد.