دعم مانح الامتياز

إن من أهم عوامل النجاح والتكامل للعلامات التجارية المانحة وفق منظومة الامتياز التجاري، هو الدعم الذي يقدمه المانح للممنوح له. بالإضافة إلى عوامل أخرى كالتدريب، والنظام العام والهوية التجارية وغيرها، وبما أن حديثنا هنا عن الدعم فإننا سنبحث عن ماذا يعني الدعم؟ وما أهمية الدعم؟ وماذا يمثل الدعم للمانح والممنوح؟ وكيف سيسهم الدعم في نجاح العلامة التجارية التي تعمل بنظام الامتياز التجاري وغيرها من الأسئلة التي قد تطرأ على الفكر حول هذا الموضوع المهم.

في البداية يجب أن نعرف أنه لو أردنا أن نتكلم عن الدعم الذي يقدمه مانح رخصة الامتياز وعن أنواع الدعم فالحديث عن هذا الموضوع وتفاصيله سيطول لأن نظام الدعم الذي يقدمه مانح الامتياز للممنوح هو جزء أساسي من نظام الامتياز التجاري وهو يشكل العمود الفقري لنجاح أي علامة تجارية. ولكنني سؤجز هذه الخاصية بالفقرات الآتية:

1) أنواع الدعم هي: -

• الدعم ما قبل الافتتاح أو البدء بمزاولة النشاط: وهذا النوع عادة يتقنه الكثير من العلامات التجارية المانحة وهو أن تساعد الممنوح في تأسيس المشروع، فمثلا لو كان المشروع محل ملابس أو أغذية فسيقوم المانح بتجهيز وحدة الامتياز للممنوح من حيث البضاعة، المعدات، التدريب الأولي، آلية الافتتاح، وكل ما قد يحتاجه الممنوح لبداية المشروع. هذا ينطبق تقريبا على معظم الحالات التي يمنحها المانح في نفس الدولة أو الإقليم بحيث تكون الفروقات بين المنطقة والأخرى شبه معدومة بحيث لا يؤثر هذا الاختلاف على نجاح المشروع.  ولكن في حالات الامتياز التجاري الدولي الذي يكون فيه التعاقد بين المانح والممنوح له في دولتين مختلفتين تجاريا واقتصادياً وثقافياً، هنا قد لا تكون مرحلة الدعم ما قبل الافتتاح كافية لإنجاح المشروع إلا إذا قامت على دراسة وافية للسوق من قبل المانح ودراسة ما يتناسب مع نموذج العمل في ذات المجال لإنجاح المشروع.

وأذكر منذ قرابة ثمانية سنوات تقريبا عندما تعاقدنا مع شركة وينز كوفي (Wayne’s Coffee) وهي شركة سويدية وتعتبر واحدة من أكبر سلسلة المقاهي في الدول الاسكندنافية ومشهورة جدا في السويد، وذلك للتوسع في الخليج وبالتحديد المملكة العربية السعودية، حينها تناقشت مع المدير التنفيذي للشركة بضرورة دراسة السوق وتحوير المفهوم ونموذج العمل للمساهمة في تعزيز فرص النجاح للمشروع لا سيما أنه يوجد هناك علامات تجارية عالمية ومحلية ناجحة في السوق والمنافسة لكسب حصة سوقية ستكون مهمة ليست بالسهلة. وبالفعل استجاب المدير التنفيذي لذلك وقمنا بزيارة الشركة في السويد وشرعنا في دراسة السوق السعودي وقدمنا تقرير كاملا بدراسة النماذج المحلية والعالمية الناجحة في السوق السعودي وسبب نجاح الدراسة التي ركزت على المنتجات والعملاء والخدمة وغيرها من العوامل الأخرى. ومنذ انطلاقة تلك العلامة التجارية الى يومنا هذا تشهد نجاحا متميزاً لما استمر عليه الدعم بعد الافتتاح.

• الدعم ما بعد الافتتاح: لو افترضنا أنه طرح عليك عرض شراء سيارة جديدة من الوكالة وبأنه لا يوجد للسيارة قطع غيار متوفرة ولا توجد ورش صيانة لخدمة السيارة وكان سعر السيارة مغري جدا، فهل ستشتري هذه السيارة؟ مثال آخر، تم عرض عليك جهاز مثل الآيفون (iPhone) وتم ابلاغك بأنه لا يوجد ضمان للجهاز أو لا يوجد أي تحديث للمشغل أو لا نضمن لك أن التطبيقات ستعمل على هذا الجهاز وأنه لا يوجد قطع غيار أو صيانة لهذا الجهاز مع العلم بأن سعر هذا الجهاز قد لا يتجاوز 20% من قيمة الآيفون (iPhone) الأساسية، فهل ستقوم بشرائه؟ كأنني أسمعك عزيزي القارئ بأنك تجيب بلا أو أنك تهز رأسك رافضا شراء ذلك الجهاز وتلك السيارة التي تم عرضها عليك. إذا نتفق جميعا بأن قيمة الجهاز أو السيارة يكمن في الخدمات المضافة والدعم ما بعد البيع لحل أي مشكلة قد تجدها بعد عملية الشراء.

فاعليه في الامتياز التجاري أيضا ينطبق الشيء ذاته. فالمانح يجب عليه أن يقوم بالدعم المستمر للممنوح ليساهم بشكل كبير وحساس في نجاح الممنوح له واستمراره وقدرته على المنافسة في الأسواق المحلية أو العالمية. فالممنوح له يحتاج لزيارات دورية وهدفها ليس فقط التفتيش وممارسة دور الرقيب الحسيب على الممنوح. بل الهدف والجوهر الأساسي هو فهم العقبات والتحديات التي يعاني منها الممنوح له وهنا يكون وجود المانح هو بمثابة "أنا هنا أيها الشريك في النجاح فكيف بإمكاني أن اخدمك لننجح سويا"، وأيضا على المانح خلال الزيارة يحلل وضع الممنوح له ويدرسان سويا استراتيجيات وحلول للتقدم في النجاح والاستمرار في المنافسة في السوق لتحقيق أفضل العوائد المالية على الجميع. وأيضا التطوير المستمر فالمانح يطرح خدمات ومنتجات جديدة بل ويستثمر أيضا في التكنولوجيا وكل سبل التطور للتقدم والنجاح سويا. وقد شهد العالم شركة البيتزا الأمريكية دومينوز بيتزا (Domino’s Pizza) وهي شركة تقدم بيتزا عالمية لنتعرف كيف استثمرت هذه الشركة في التكنولوجيا وانتجت أول تجربة لها لحلول وخدمات توصيل البيتزا بسيارة من غير سائق الى بيت العميل وقد نسمع عن الشركات اللوجستية باستخدام الطيارات من دون طيار أو ما يعرف بالدرون (Drone) بتوصيل الطرود الى منزلك وغيرها من هذه الأمثلة توضح بشكل مختصر ما هو الدعم المستمر وكيف سيسهم في نجاح المانح والممنوح له سويا.

وهناك أنواع أخرى من الدعم سأتطرق الى تفاصيلها في كتابات لاحقة إن شاء الله. 

أخيراً، أود أن أقول بأن الامتياز التجاري هو ليس مجرد شعار أو علامة تجارية مسجلة فحسب ولا هو وصفة لوجبة أو تصميم لعلبة أو لعطر أو لحذاء فحسب كما نشاهد في واقعنا أحياناً ففي بعض الحالات نرى العلامات التجارية العربية والأمريكية والأوروبية التي سمعنا عنها وشاهدناها في دولنا قد لا تكون تمتلك أي نظام دعم مستمر يضمن النجاح والاستمرار للمانح أو الممنوح في الاستمرار في الأسواق المحلية أو العالمية. وأؤكد بأن الدعم هو أحد الركائز لنجاح أي علامة تجارية إن لم يكن أصلا بمثابة العمود الفقري لأي علامة تجارية تعمل بنظام الامتياز التجاري. فالامتياز التجاري الذي لا يكون الدعم المستمر أحد ركائزه، هو فعلا بلا قيمة، ختاماً "كن داعم، أو لا تكن مانح"!