الفرص الاستراتيجية لقطاع الضيافة السعودي

تسلّط "مابريان"، الشركة العالمية الرائدة في مجال معلومات السفر، والتابعة لشركة "داتا أبيل" من مجموعة "ألماويف"، الضوء على الدور الفاعل للمملكة العربية السعودية في تغيير المشهد الإقليمي للسفر والسياحة والضيافة بفضل استثماراتها الجريئة في هذا المجال، حيث يتناول تقريرٌ جديد صادر عن "مابريان" الإمكانات الكبيرة لتعزيز وإثراء تجارب الضيوف وتحسين الربحية في مختلف مكوّنات قطاع الإقامة الفندقية المتنامي في المملكة.

وقد كشفت الشركة عن دراستها، التي تحمل عنوان "ما وراء النجوم: مواءمة التوقعات والتجارب في قطاع الضيافة في الشرق الأوسط" في سياق التمهيد لمعرض سوق السفر العربي 2025، حيث تستكشف ستّة من أهم الأسواق السياحية في المنطقة، ألا وهي المملكة العربية السعودية، والإمارات العربية المتحدة، وقطر، وسلطنة عُمان، والأردن، ومصر، والتي تستأثر مجتمعة بما يقارب 90% من الزوار العالميين إلى الشرق الأوسط. ويعتمدُ التحليل على بيانات في الوقت الفعلي لتقييم التوازن بين الفئات الفندقية وتوجُّهات الأسعار ومستويات رضا النزلاء عبر تشكيلةٍ متنوعة من الدول التي تمثّل مصادر زوّار طويلة المدى إلى جانب الأسواق الإقليمية.

ويمثّل التقرير الجزء الثاني من سلسلة تقارير "مابريان" حول سوق الشرق الأوسط، والتي تهدفُ إلى تحفيز النقاش في القطاع حول أهمّ التوجُّهات التي تصوغ ملامح مستقبل السياحة في المنطقة، إذ يوضح التقرير كيف يُمكن لتحسين العروض الفندقية من الفئة المتوسطة ومواءمة تصنيف الفنادق مع توقّعات الضيوف أن يلعب دوراً محورياً في تحقيق أهداف رؤية السعودية 2030، ولاسيما على صعيد تنويع السياحة وتعزيز القُدرة التنافسية العالمية.

وقالت سونيا هويرتا، المديرة الاستشارية ونائبة الرئيس الأولى في "مابريان": "لقد قطعت المملكة شوطاً كبيراً في ترسيخ مكانتها كمركزٍ سياحي عالمي، وتوفِّر بيانات كهذه لقطاع الضيافة أداةً فعّالة لصقل استراتيجياته وتحسين أدائه." وأضافت: "من أجل تعزيز مكانة المملكة العربية السعودية كوجهةٍ عالمية مرموقة، يُسلّط التقرير الضوء على أهمية ضمان انسجام التجارب من فئة الخمس نجوم مع القيمة المميّزة، فضلاً عن توسيع نطاق خيارات الفنادق متوسطة الجودة لجذب قاعدةٍ أوسع من الزوّار العالميين."

السعودية: تحقيق التوازن بين الرؤى الطموحة وتجارب العملاء

يُظهر المشهد الفندقي في المملكة توزعاً متساوياً نسبياً بين فئات 3 و4 و5 نجوم، ما يضع السوق السعودية في موقع قوي للنمو بالنسبة لفئات متعددة من المسافرين. غير أنّ بيانات "مابريان" تكشف عن فجوةٍ حرجة بين متوسّط أسعار الغرف ورضا النزلاء ضمن فئة الخمس نجوم، وهو تباينٌ يُمثِّل تحدياً وفرصة في آنٍ معاً.

مع التوقُّعات بوصول متوسط سعر الليلة الواحدة إلى 299 دولاراً أمريكياً في فنادق من فئة الخمس نجوم خلال الأشهر الستة المقبلة، ستكون المملكة العربية السعودية من بين الأسواق الأعلى تسعيراً في المنطقة، غير أنّ مستويات الرضا تُشير إلى أن تجربة النزلاء لا تتناسب دائماً مع التكلفة. لذا ستكون معالجة هذه المشكلة أمراً بالغ الأهمية لضمان تكرار الزيارات والحفاظ على سمعة المملكة لدى الزوّار الدوليين من أصحاب الثروات.

وأضافت هويرتا: "تشهدُ المملكة العربية السعودية واحدة من أكثر عمليات التحول السياحي طموحاً في العالم. وعبر التركيز على اتساق تجربة الضيوف وتعزيز صورة القيمة المتاحة، يُمكن للمملكة أن تُمهّد الطريق لمرحلةٍ جديدة في مجال الضيافة الفاخرة على مستوى المنطقة."

وفي ظلِّ الاستثمارات الحكومية الكثيفة في المشاريع العملاقة والبنية التحتية لتعزيز الوجهات السياحية الوطنية، فإنَّ ذلك يترافق مع ظهور فرصة كبيرة لتنمية الطاقة الاستيعابية للفئة المتوسِّطة والترحيب بالعلامات الفندقية الجديدة الطامحة لتأسيس حضور طويل الأجل في سوق ذات إمكانات عالية.

ثلاثة سيناريوهات تكشف عن فرص جديدة للتطوّر والنمو

يحدّد التقرير ثلاثة سيناريوهات رئيسية للنمو في مختلف أنحاء المنطقة:

• السيناريو الأول: الأسواق المتوازنة - تتميَّز الإمارات العربية المتحدة والمملكة العربية السعودية ومصر بالتوزُّع المتساوي نسبياً للفئات الفندقية في أسواقها، ما يجعلها مرشحة بقوة ضمن ما يمكن أن يُطلق عليه مصطلح "الفئات الجسرية" المتنامية، وهي الفئات التي تجمع بين عناصر ومزايا الفنادق الفاخرة من جهة، والأسعار المتوسطة من جهةٍ أخرى، حيث يوضِّح التقرير بأن مواءمة الأسعار مع توقعات المسافرين بشأن تجارب الإقامة سيكون له دورٌ في تعزيز الرضا عن الخدمات الفندقية وزيادة ربحيتها بشكلٍ عام.
• السيناريو الثاني: الأسواق المتوسطة - تعتمد سلطنة عُمان والأردن بشكلٍ كبير على الفنادق من فئة الثلاث نجوم، ما يوفّر إمكانية تنويع وتعزيز العروض الاقتصادية ومتوسطة الحجم بهدف جذب شريحةٍ أوسع من المسافرين، وبالتالي زيادة أعداد الزوّار.
• السيناريو الثالث: الأسواق التي تُهيمن عليها الفئات الفاخرة - تُركّز قطر بشكلٍ كبير على فئة الفنادق الفاخرة، حيث تُصنَّف حوالي 60% من الفنادق فيها ضمن فئة الخمس نجوم، ما يتيح فرصاً لتوسيع نطاق الفئات ذات الأسعار المعقولة وتحسين مستوى الرضا من خلال تحقيق توافق أفضل بين السعر والتجربة.

وبحسب هويرتا، فإنَّ "أسعار الفنادق في كافة أنحاء المنطقة ما زالت تنافسية للغاية، لكن ما زال مطلوباً بذل الجهود لتحسين التجارب والقيمة في أنظار العملاء، والتي تعتبر فائقة الأهمية لتشجيعهم على تكرار الزيارات ورفع معدلات الإقامات السياحية طويلة الأمد." كما تلفت هويرتا، الخبيرة في مجالها، أيضاً إلى أن "تقديم قيمة مميزة متجذِّرة في الثقافة والتراث والطبيعة المحلية والتجارب في الهواء الطلق، مع الحفاظ على أسعار جذّابة، سيكون من شأنه تمكين هذه الأسواق الشرق أوسطية كي تعزّز تنافسيتها بشروطها الخاصة بالمقارنة مع وجهات عالمية رائدة أخرى."

أهم الفرص للوجهات

تلقي دراسة "مابريان" الضوء على العديد من الأولويات بالنسبة لوجهات الشرق الأوسط، وذلك بناءً على إضاءات من البيانات، بما يشمل ما يلي:

• ضرورة إعادة النظر في تصنيفات الفنادق وتجاربها بما يتماشى مع المعايير العالمية بهدف تعزيز الزيارات طويلة المدى، وهو جانبٌ هام بشكلٍ خاص لخيارات الإقامة الفاخرة والراقية
• ضرورة الاستثمار في الترقيات والابتكار التجريبي في الفنادق من فئة الأربع والثلاث نجوم، والتي تلعب دوراً حاسماً في زيادة أعداد الزوّار
• أهمية تصميم خدمات الضيافة لضمان التوازن بين الطابع المحلي والمعايير الدولية، ما يُسهم بالتالي في تعزيز رضا النزلاء

وقالت هويرتا: "لكي تتمكَّن المملكة العربية السعودية من تحقيق طموحات رؤية 2030 بشكلٍ كامل، يتعيَّن على قطاع الضيافة أن يقدِّم الجودة والكمية بالشكل المطلوب، مع التركيز على الرضا والاتساق والقيمة التجريبية."

وخلصت هويرتا إلى القول: "إن زيادة أعداد الزوّار العالميين، وتعزيز معدّلات الإشغال على مدار العام، وتحقيق نموٍّ مستدام، هذه كلها جوانب تعتمد على بناء الثقة في قطاع الضيافة السعودي، بدءاً من الإقامات الفاخرة، ووصولاً إلى مستويات الراحة التي تتيحها الفئة المتوسطة، وهنا بالذات تكمنُ المرحلة التالية من الفرص."