ممنوح الامتياز ومستندات الإفصاح

الجمعة
06.04.2018
ماذا يقدم مانح الامتياز من مستندات وبيانات موثوقة تحفز ممنوح الامتياز
 

من الممكن أن من يقرأ عنوان هذا المقال سيتبادر إلى ذهنه أن ما أكتبه هو عبارة عن متطلبات الإفصاح المحاسبي في الشركات المساهمة، هي بالفعل قريبة من فكرة إفصاح الشركات المساهمة عن قوائمها المالية وجميع بياناتها لكن ما نتحدث عنه اليوم هو نظام الامتياز التجاري (الفرنشايز) وما أحدثهُ من ثورة في العالم من حيث التوسع والانتشار لمالك العلامة التجارية من دون أي تكاليف مادية عليه، وتحديدًا العلاقة بين مانح الامتياز (مالك العلامة التجارية) وممنوح الامتياز (المستثمر للعلامة التجارية) وما يترتب عليها من شفافية ومصداقية من قبل مانح الامتياز، وما يقدمه من مستندات وبيانات موثوقة تحفز ممنوح الامتياز على التقدم للحصول على رخصة العلامة التجارية لمانح الامتياز بكل اطمئنان لنجاح العلامة التجارية بمنطقته الجغرافية، وهذا ما نطلق عليه مستندات الإفصاح التي تعتبر شرطًا أساسيًا وضروريًا لإنشاء اتفاقية الامتياز التجاري، والتي تشكل الحجر الأساسي لإقناع ممنوح الامتياز بالتعاقد مع مانح الامتياز التجاري بغية الاستثمار في العلامة التجارية لمانح الامتياز التجاري، ولا يحق لمانح الامتياز التجاري عند تعاقده وتعامله مع ممنوح الامتياز التجاري اللجوء بأي وسيلة كانت إلى الإعلانات الخادعة التي من شأنها إيقاع الضرر بممنوح الامتياز، ويمكن أن يشكل ذلك سببًا للمطالبة من قِبل ممنوح الامتياز بفسخ الاتفاقية والمطالبة بالتعويض المادي والمعنوي في حالة عدم صحة ما قدمة مانح الامتياز التجاري من مستندات أو بيانات، وهذا ما اعتمدتهُ معظم الأنظمة والتشريعات الخاصة بالامتياز التجاري (الفرنشايز).

ففي إيطاليا المبدأ المعمول به والمعتمد من اللجنة البرلمانية الأوربية المكلفة بأنظمة الامتياز التجاري (الفرنشايز) منذُ عام 1995م، يؤكد ضرورة تزويد ممنوح الامتياز بمستندات الإفصاح قبل توقيع الاتفاقية بوقت كاف. وهو ما يشكل إحدى الثوابت الرئيسة لاتفاقية الامتياز التجاري (الفرنشايز).

المحاكم الألمانية شددت على إلزام مانح الامتياز التجاري بضرورة تقديم مستندات الإفصاح إلى ممنوح الامتياز التجاري قبل توقيع اتفاقية الامتياز التجاري، ولا يحق له إبرام الاتفاقية قبل ذلك.

في فرنسا بموجب قانون DOUBIN الصادر عام 1989م يتم إلزام مانح الامتياز التجاري بتقديم كافة المعلومات والبيات (مستندات الإفصاح) إلى ممنوح الامتياز التجاري قبل اتفاقية الامتياز التجاري بمدة لا تقل عن 21 يومًا قبل توقيع اتفاقية الامتياز التجاري وألحق بقرار يحدد مضمون مستندات الإفصاح في عام 1991م.

في إسبانيا شددت الأنظمة والتشريعات الصادرة عام 1998م على وجوب تقديم مانح الامتياز التجاري مستندات الإفصاح إلى ممنوح الامتياز التجاري قبل توقيع اتفاقية الامتياز التجاري بمدة لا تقل عن 20 يومًا أو قبل دفع أية مبالغ نقدية لتنفيذ الاتفاقية.

في الولايات المتحدة الأمريكية، القانون الفدرالي الصادر عام 1978 الخاص بالامتياز التجاري نص صراحةً على تزويد مانح الامتياز التجاري مستندات الإفصاح إلى ممنوح الامتياز بمدة لا تقل عن 14 يومًا قبل توقيع اتفاقية الامتياز التجاري، حيث اشترطت 8 ولايات ضرورة تسجيل مستندات الإفصاح لمانح الامتياز التجاري لدى لجنة الامتياز التجاري في الولاية.

في كندا شدد قانون الامتياز التجاري الصادر عام 1995م وتمت إعادة النظر فيه عام 2000م، على قيام مانح الامتياز التجاري بتقديم مستندات الإفصاح إلى ممنوح الامتياز التجاري قبل 14 يومًا من توقيع اتفاقية الامتياز التجاري.

لذلك نجد أن الخطوة الأولى للعلاقة المبنية على الشفافية بين مانح وممنوح الامتياز تتمحور حول مستندات الإفصاح ومحتوياتها، وإن صح ما قدمه مانح الامتياز التجاري صحت اتفاقية الامتياز التجاري، وبما أن تبادل المستندات والبيانات بين مانح وممنوح الامتياز هو الأساس الذي يعتمد عليه ممنوح الامتياز التجاري في اتخاذ قراره من الاستثمار أو عدم الاستثمار مع مانح الامتياز، وبما أن هذه المستندات والمعلومات تعتبر سرًا من أسرار العمل لدى مانح الامتياز التجاري، فهذه المعلومات السرية يجب أن تبقى بمنأى عن أي إفشاء للغير وخاصة المنافسين، لذا يلجأ مانح الامتياز التجاري إلى توقيع ممنوح الامتياز التجاري على اتفاقية عدم إفشاء معلومات تكون ملزمة للطرفين لفترة زمنية محددة بالاتفاقية، حتى وإن لم يتم توقيع اتفاقية الامتياز التجاري.

مستندات الإفصاح عمومًا تتضمن كمًّا كبيرًا من معلومات وبيانات، على سبيل المثال لا الحصر، حددت اللجنة الفدرالية الأمريكية 20 نوعًا من المعلومات والبيانات يجب أن تتضمنها مستندات الإفصاح (نوع الكيان القانوني لمانح الامتياز التجاري وصورة من السجل التجاري وتسجيل العلامة التجارية لدى الجهات الرسمية بمنطقة مانح الامتياز الجغرافية، وكذلك منطقة ممنوح الامتياز الجغرافية والتكاليف التفصيلية لاستثمار العلامة التجارية والمبيعات، والتكاليف والأرباح التفصيلية والإجمالية لما لا يقل عن 3 منافذ التسويق لمانح الامتياز التجاري يتم اختيارها من قبل ممنوح الامتياز ومن دون ضغط أو تعديل من قبل مانح الامتياز التجاري، وعدد منافذ التسويق التي يملكها مانح الامتياز أو تم منح آخرين رخصة العلامة داخل دولة مانح الامتياز التجاري أو خارجها، وتزويد ممنوح الامتياز التجاري بأسماء الممنوحين للامتياز التجاري لديه وبياناتهم كاملة .. إلخ).

رسالتي إلى من يهمه الأمر . . . في حال تم إقرار نظام أو قانون الامتياز التجاري بالمملكة العربية السعودية في ظل تحقيق رؤية المملكة 2030 فلا بد من الأخذ بعين الاعتبار أن كثيرًا من العلامات التجارية السعودية التي تمنح علامتها التجارية بنظام الامتياز التجاري لا تطبقه باحترافية مما يؤدي إلى ضياع حقوق ممنوح الامتياز التجاري، وذلك سيؤدي إلى فسخ اتفاقية الامتياز التجاري بينهما، ولابد من الأخذ بعين الاعتبار تجارب الدول التي سبقتنا في هذا المجال في تطبيق آلية نظام الامتياز التجاري وتحديد مسئوليات مانح وممنوح الامتياز التجاري ونوع العلاقة بينهما بما يخص مستندات الإفصاح كما أشرت إليها سابقًا.

سؤال؟ في حال تم إقرار نظام أو قانون الامتياز التجاري بالمملكة العربية السعودية هل سيتم تطبيقه بأثر رجعي حتى ولو مضى على مدة الاتفاقية بين مانح وممنوح الامتياز التجاري فترة من الزمن؟؟؟ والتي غالبًا يغُض الطرف عنها مانح الامتياز التجاري في وقتنا الحالي.

لذا أنصح كل مانح للامتياز التجاري بضرورة مراجعة سلسلة إجراءات منحه لعلامته التجارية وخاصة محتويات مستندات الإفصاح وأدلة التشغيل التي تعتبر من أبسط حقوق ممنوح الامتياز حتى لا يواجه أي مشاكل مع ممنوح الامتياز التجاري تكون سببًا لفسخ العقد مستقبلًا لا سمح الله.

نجيب حمود الطريقي

استشارات امتياز تجاري

تأهيل وتطوير العلامات التجارية

مدرب معتمد

المصدر : مجلة الإمتياز التجاري